أهم الأخبار

“المواكب” ترصد أبرز حوداثها

 

 

طائرات الجيش.. ما وراء تكرار السقوط؟!

الخرطوم: خالد الفكي

في كل مرة تعبر طائرة هليكوبتر بأمتار قليلة عن سقوف المنازل، سماء “حلتنا”، عابرة لأداء مهمة ما، كنا نتحلَّق بالنظر إلى الأفق ونطلق الأصوات “طيارة جيش جات”، البعض من الرفاق كانوا يحلمون بالانتساب يوماً ما إلى سرب المقاتلين الطيارين في القوات المسلحة، وبعد سنوات تلاشت أحلامنا بزرع أهالينا المخاوف في نفوسنا بأن “الطيارات بتقتل”، انطلاقاً من عاطفة مغروسة بالدواخل لدى الأمهات تحديداً، بيد أن تكرار حوداث سقوط الطائرات السودانية وخاصة طائرات الجيش جعل الكثيرين يختارون مسارات أخرى في درورب الحياة، بعيداً من التحليق على متن الطيران العسكري الحربي.

#أخر حادث

ما أن ارتفعت شمس الأربعاء وهي في طريقها لمرحلة الضحى، إلا وذاع خبر سقوط طائرة عسكرية في ولاية القضارف بسبب انفجارها، وأفادت مصادر عسكرية أن الطائرة كانت تحمل أسلحة وذخائر، ووقع الحادث في مطار ود زائد بمحلية الشواك، مما أدى إلى احتراق الطائرة بالكامل فيما نجا طاقمها وفقاً لما تناقلته مصادر إعلامية.

وتقع منطقة الشواك على بعد 25 كيلو متراً من القضارف شرق السودان، حيث تدور مواجهات عسكرية متقطعة بين الجيش السوداني ومليشيات وقوات إثيوبية.

هذا وكشفت وزارة الخارجية السودانية، الأربعاء، عن اختراق طائرة عسكرية إثيوبية للحدود السودانية، وقالت إن هذا الأمر يمكن أن تكون له عواقب خطير، وقالت وزارة الخارجية في بيان إنه: “في تصعيد خطير وغير مبرر اخترقت طائرة عسكرية إثيوبية الحدود السودانية الإثيوبية، الأمر الذي يمكن أن تكون له عواقب خطيرة، ويتسبب في المزيد من التوتر في المنطقة الحدودية”.

ونوهت الوزارة إلى أنها “إذ تدين هذا التصعيد من الجانب الإثيوبي فهي تطالبه بأن لا تتكرر مثل هذه الأعمال العدائية مستقبلاً، نظرا لانعكاساتها الخطيرة على مستقبل العلاقات الثنائية بين البلدين وعلى الأمن والاستقرار في منطقة القرن الإفريقي”.

هذا وقد وصل الفريق أول ركن محمد عثمان الحسين، رئيس هيئة الأركان بالقوات المسلحة السودانية، برفقة عدد من القيادات العسكرية الي القضارف، وتلقى تنويراً من اللواء ركن حيدر الطريفي قائد الفرقة الثانية مشاة.

وتفقد الحسين، الخطوط الأمامية للجيش السوداني في الشريط الحدودي بعد الاعتداء الأخير من قبل المليشيات الإثيوبية المسلحة والقوات الأخرى على النساء والأطفال الأبرياء في محلية القريشة أثناء عمليات الحصاد.

وأعاد الجيش السوداني في 9 نوفمبر 2020، انتشاره وتمركزه في المناطق التابعة للفشقة الكبرى والفشقة الصغرى، وقال لاحقا إنه استرد هذه الأراضي من مزارعين إثيوبيين كانوا يفلحونها تحت حماية مليشيات إثيوبية منذ العام 1995.

وقالت مصادر عسكرية في وقت سابق، إن التوقعات تشير إلى نذر مواجهات عسكرية بعد مناورات برية للجيشين السوداني والإثيوبي قرب الحدود فضلا عن تنفيذ الطيران الحربي الإثيوبي طلعات جوية الأولى من نوعها في المناطق الحدودية بإقليم الأمهرا المجاور لمنطقة القلابات السودانية.

# ما وراء السقوط

الخبير العسكري والمحلل الاستراتيجي، اللواء متقاعد أمين إسماعيل مجذوب، قال إن حوداث الطيران هي من الحوداث ذات صلة بالكوارث الانسانية بشكل عام، وذلك أن عادة أعداد ضحايا الطيران تكون كبيرة فضلاً عن الخسارة المالية المتعلقة بالطائرة في ذات نفسها أو ما يرتبط بها.

وأوضح مجذوب لـ”المواكب”، أن الطيران العسكري يكون متعدد المهام خاصة المتعلقة بالقتالية والتدريبية والتنشيطية لذلك تكون حوداثه أكثر من الطيران المدني، ونوه بأن الاستهلال يكون بشكل كبير سواء كان للطيار أو الطائرة العسكرية.

وأشار إلى أن القوات الجوية السودانية تم تأسيسها منذ استقلال السودان مباشرة ونالت دورات تدريبية عالية وحازت على أفضل أنواع الطيران العسكري حينها من الغرب ثم كان عهد نميري والتحول إلى المعسكر الشرقي، كما انه خلال الـ30 عاما الماضية كان التركيز في التعامل مع ذات المعسكر وربما كان الحصار الغربي الذي فرض على نظام البشير جعل الطيران الغربي يخرج من الخدمة في السودان.

وأكد الخبير العسكري والمحلل الاستراتيجي اللواء متقاعد امين اسماعيل مجذوب، ان الخروج كان لإنعدام قطع الغيار وقطع سبل الصيانة الدورية، وعدم تجديد طرازات الطائرات العسكرية والتي في كل عام تُصنع منها اصدارات ذات مهام عسكرية متطورة، مبيناً ان ذلك جعل النظام السابق يلجأ لإدخال طائرات عسكرية من أروربا الشرقية تحديد جمهورية روسيا في مجالات طائرات “الهل والنقل والمقاتلة”، كما ان الحصار آثر علي تدريب الطيارين العسكريين لذا لم يجدون تدريبياً خارج السودان بل توقف تماماً مما أستدعي الكلية الجوية العسكرية في مدينة بؤرتسودان بولاية البحر الاحمر.

وقطع مجذوب بان كفاءة وقدرة وامكانيات الطيار في الجيش السوداني قياساً بطياري الدول الاخري، مشيراً الي ان أغلب حوداث طائرات القوات المسلحة السودانية كانت منحصرة في طائرات النقل مثل (الانتنوف والهل) ، مشيراً الي ان السبب الرئيس في وقوع تلك الطائرات يعود لقدم الطراز وعدم التجديد والتحديث، واضاف: “واعتقد نسبة للحوجة ربما يتم إجراء تعديلات وصيانات لاجل تمرير العمل”.

وأفاد أن عدم وجود وتوفير قطع الغيار حيث ان تلك الطائرات خرجت عن الخدمة في دول شرق اروبا كما ان جمهورية روسيا قد تخلت عن استخدامها ضمن منظومة قطاع الطيران العسكري وبالتالي تكاد تكون انعدم توفير قطع غيار، كما ان الحماسة والشجاعة لدي الطيارين في قيادة تلك الطائرات وهي غير جاهزة من الاسباب التي قد تقود الي حدوث اشكاليات فنية وربما أدت لسقوط وتحطم الطائرة، وتابع:” هذا أمر مخالف لقواعد الطيران”.

وقال مجذوب معلقاً حول حادثة سقوط الطائرة الهل المقاتل في منطقة الشواك بولاية القضارف، بان الرحلة ربما كانت تنشيطية للطيارين حيث يقومون برحلات اثناء توقف العمليات، لافتاً الي حدوث عطل في أحدي المحركات مما أدى الى الهبوط الاضطراي والسقوط علي الارض، مع نجاة الطقم.

ومضى للقول:” تُعدو من الحوداث النادرة ان يخرج الطقم سالماً”، ونبه الي القوات الجوية السودانية قد استنزفت كثيراً من خلال فقدان عدد من طائراتها وقبل ذلك الطاقم البشري من الطيارين والفنيين والملاحين او حتى “الود ماستر”، وهم يكونوا مرافقين لطقم الطائرة، موضحاً ان قيادة القوة الجوية تعمل وتسعى كل يوم لتزويد القوات المسلحة السودانية بطيارين وفنيين للتدريب الداخلي، مشيراً الى ان الحصول علي طائرات جديدة ذات طرازات متطورة يُعد المحك والتحدي الاكبر، مبدياً أمله ان يقود رفع اسم السودان من لائحة الدول الراعية للارهاب والتعاون مع الولايات المتحدة الامريكية الي استجلاب وشراء طرازات من الطائرات الحديثة مثل “سي ان ثيرتي”، وهي حديثة بالمقايس الفنية وان كانت قديمة عمراً.

وكشف مجذوب ان القوات المسلحة السودانية كانت تمتلك سربين من هذا الطراز من قبل وقد خرجت من الخدمة بسبب الحصار وعدم وجود قطع الغيار والصيانة الدورية ، متوقعاً ان يكون هناك تدريب خارجي للطيارين السودانيين بجانب الحصول علي طائرات الهل المقاتلة والاخري التي تستخدم للاخلاء الطبي مع طائرات النقل وتابع:” العمليات في السودان تكاد تكون عمليات داخلية”، مما يتطلب التنويع وتوفير الصيانة وعقد التدريبات والمناورات المشتركة مع الدول الصديقة.

وشدد على أن مجمل حوداث الطائرات العسكرية يقف على رأسها عدم توفر قطع الغيار والصيانات المستمرة في ظل ضغط العمل، والتهديدات الماثلة حالياً في جبهات مختلفة على الحدود، مبيناً أن تلك التعقديات ستلقي بعبء كبير جد على القوات الجوية السودانية للعمل بعمليات جوية أو التصدي للآخرين المضادة والمستهدفة العمق السوداني.

# موت بالجملة

“المواكب”، رصدت وفقاً لتقارير إعلامية متعددة مسار سقوط الطائرات العسكرية خلال السنوات الاخيرة والتي راح ضحيتها عدد من منسوبي القوات المسلحة، وان كانت التقارير أشارت لأن جملة الطائرات التي وقعت بالبلاد قد تصل إلى نحو (٢٧) طائرة مدنية وحربية.

وخلال  ديسمبر٢٠١١، تحطمت طائرة عسكرية بمطار مدينة الأبيض بسبب عطل فني وقتل طاقمها المكون من ستة أفراد، وفي التاسع عشر من أغسطس ٢٠١٢ والذي وافق أول أيام عيد الفطر انفجرت طائرة (أنتنوف) بالقرب من مطار تلودي كانت تقل (٣٢) شخصاً، وماتوا في الحادث: وزير الإرشاد والأوقاف السوداني غازي الصادق، وزير الدولة بوزارة السياحة عيسى ضيف الله، المعتمد برئاسة ولاية الخرطوم محمد الحسن الجعفري، وزير التربية والتعليم ولاية الخرطوم علي الجيلاني.

كما أدى سقوط (انتنوف) غرب أم درمان إلى مقتل نحو (١٥) من العسكريين كانوا في طريقهم الى شمال دارفور لمهمة، فضلاً عن انفجار مروحية عسكرية نهاية عام ٢٠١١، المروحية العسكريةبعد لحظات من إقلاعها من مطار الأبيض لتكون رابع طائرة عسكرية تسقط في ذلك العام.

 وقبلها بقليل تحطمت طائرتان عسكريتان الأولى مروحية تدريب من طراز (Mi-24) احترقت قبل إقلاعها من مطار الخرطوم،

أما الطائرة الثانية والتى سقطت بعد خمسة أيام فهي من طراز (ام آي 17) وتحطمت فى الثامن عشر من إبريل بمنطقة (قولو) القريبة من الفاشر وهي قادمة من مهمة عسكرية بمنطقة (كرنوي)، جراء عطل أصاب محركاتها وبالتالي فقدت القوات المسلحة أفراد طاقمها الخمسة.

والمتتبع لسقوط الطائرات في السودان يجد أن البلاد فقدت النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق الزبير محمد صالح الذي سقطت طائرة (الانتنوف) التي كان على متنها بالناصر أثناء جولة تفقدية له بولايات الجنوب العشر في فبراير ١٩٩٨م بعد أن هوت الطائرة “التي كانت تقله ومرافقيه في نهر السوباط بالقرب من مدينة الناصر بولاية أعالي النيل ومات بجانب الزبير الذي عد وقتها أرفع مسؤول رسمي يلقى مصرعه وهو في سدة الحكم (٢٠) آخرين أبرزهم القائد الجنوبي البارز أروك طون أروك والمهندس محمد أحمد طه، وعبد السلام سليمان سعد، وبعدها بثلاثة أعوام وتحديداً في إبريل ٢٠٠١م تحطمت طائرة عسكرية لدى انحرافها على مدرج عدارييل بأعالي النيل نتيجة عاصفة رملية كان على متنها العقيد إبراهيم شمس الدين مساعد وزير الدفاع أحد أبرز أعضاء مجلس قيادة ثورة الإنقاذ بجانب (١٤) من كبار ضابط الجيش، ومن بين الذين صرعوا في الحادث الفريق أمير قاسم موسى، واللواء طبيب مالك العاقب الحاج الخضر قائد السلاح الطبي، واللواء بكري عمر خليفة، واللواء السيد العبيد عبد الحليم، واللواء كمال الدين علي الأمين، واللواء علي اريكا كوال، واللواء ياسين عربي محمد، واللواء فيصل عيسى أبو فاطمة، والعميد مهندس عمر الأمين كرار، والعميد أحمد يوسف مصطفى.

وفي حصاد الطائرات العسكرية نجدها أزهقت أرواح أكثر من خمسين ضابطاً بولاية كسلا في يونيو العام ١٩٩٩م بعد عطل فني أصاب محرك طائرتهم، وفي العام ٢٠٠٥م لقي (١٩) عسكرياً يتبعون للجيش الشعبي حتفهم إثر تحطم طائرتهم بالقرب من مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور. كما تحطمت طائرة عسكرية في مطار أويل شهر فبراير العام ٢٠٠٦م حاصدة أرواح عشرين من منسوبي الجيش السوداني، وشهد العام ٢٠٠٧ في شهره السابع وفاة جنديين نتيجة احتراق محرك طائرتهما من طراز أنتنوف عقب إقلاعهما من مطار الخرطوم.

في نهاية مارس من العام ٢٠١٠ سقطت مروحيتان عسكريتان تتبعان للجيش بمنطقة شطاية بجنوب دارفور بين مدينتي كاس ونيالا، دون خسائر في الأرواح، وأكد الجيش أن المروحية الأولى سقطت نتيجة عطل فني، وكانت تحلق بارتفاع منخفض وهبطت الثانية لإنقاذ طاقمها فدخلت بعض الأتربة إلى محركها، ما أدى لاشتعال النيران فيها. وفي نيالا حاضرة جنوب دارفور قالت مصادر عسكرية عن تلك الحادثة، إن الطائرة الأولى كانت في مهمة استطلاعية عادية، بينما اصطدمت الثانية “بشجرة”، ما أدى لاحتراقها بعد تعرض محركها للأتربة، وفى نهاية ديسمبر من العام ٢٠١٠ سقطت طائرة تدريب عسكرية بمنطقة خلوية غرب مدينة بورتسودان أثناء قيامها بعمليات تدريب ليلي، وكان على متنها شخصان، أحدهما روسي الجنسية والثاني ضابط برتبة نقيب بالقوات المسلحة ولم يصابا بأذى جراء السقوط، وانضمت طائرة من طراز (مي 17 ) لضحايا الأجواء السودانية، بعد سقوطها بمنطقة خزان تنجر بولاية شمال دارفور غرب مدينة الفاشر فيما كانت تقوم برحلة إدارية وفقا لمعلومات صادرة من القوات المسلحة، قبلها بقليل سقطت طائرة تدريب عسكرية من طراز (PT6) بالقاعدة الجوية بمدينة بورتسودان في استعراض عسكري مما أدى إلى استشهاد طاقمها المكون من ضابطين.

وسقطت خلال مارس 2010  مروحيتان عسكريتان تتبعان للجيش بمنطقة شطاية بجنوب دارفور بين مدينتي كاس ونيالا، دون خسائر في الأرواح، كما سقطت طائرة عسكرية، في يوم ٢٧/ ديسمبر ٢٠١٧، ومقتل قائدها، وخلال ديسمبر 2018، لقي والي ولاية القضارف ميرغني صالح و(٧) من مرافقيه مصرعهم في حادث تحطم طائرة عسكرية بمنطقة القلابات على الحدود الإثيوبية السودانية.

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *