تحقيقات

(الطفل والطباخ) قصة من قلب مدينة الخرطوم (١_٣)

(ي) يقول إنه يسكن في عربة مكسرة بإحدى أزقة الحي عقب طرده من (ركشة)

ما هو سرهذه السيدة.. وما هو دور العقيد؟

باحثة اجتماعية: هنالك تقاعس متعمد في قضية الطفل ولم يتم فتح بلاغ

جيران الطباخ: هنالك أنشطة مريبة ويزوره نظاميون برتب رفيعة

مساعٍ لإعادة الطفل إلى الطباخ

تحقيق: لبنى عبد الله

أحداث حقيقية وقصة من واقع المجتمع جرت أحداثها ومازالت سيناريوهاتها مستمرة وضبابية تكتنف حقيقتها وقعت القصة بمنطقة الديوم الغربية بوسط الخرطوم بطلها طفل عمره (١٠)  أعوام تقريبا وطباخ ادعى انه والده ولكن الوقائع أثبتت انه ليس والد الطفل -الشرطة ونيابة .. حماية الأسرة والطفل والرعاية الاجتماعية بوحدة غرب التابعة لمحلية الخرطوم كانوا جزءا من سيناريو القضية وتعاملوا معها بعدم مسؤولية عقب فتح الباحثة الاجتماعية ومعلمة الطفل بمدرسة الأساس بلاغا لم تكتمل أركانه كشف جزءا من أسرار قضية  الطباخ والطفل.. في المساحة التالية نحكي تفاصيل القصة:-

غياب

في إحدى مدارس الخرطوم غرب ألحق الطباخ الطفل (ي) بالمدرسة بمرحلة الأساس بالصف الثالث بدون أوراق ثبوتية على وعد إدارة المدرسة بإحضار أوراق الطفل الثبوتية مثل شهادة الميلاد وغيرها ورأت إدارة المدرسة إلحاق الطفل بالدراسة حرصا منها على عدم حرمانه وفي أحد الأيام اكتشفت الباحثة الاجتماعية والمعلمة بالمدرسة الأستاذة (ر) غياب الطفل لأكثر من يوم فسألت زملاءه بالصف وذكروا لها أنه تم اختطافه بواسطة عربة.

 

البحث عن (ي )

 

وقالت المعلمة في حديثها لــ”المواكب”، إنها طلبت من الأطفال إرشادها لمنزل (ي) وتقول إنها ذهبت لمنزله ووجدت (ن) الذي يعمل طباخا ويدعي أنه والد الطفل في منزل يضج بالحركة، مجموعات داخله، وأخرى خارجه، تقول: طرقت الباب واستقبلني (ن) سألته عن الطفل فقال لي: (طردته)… وتقول: سألته عن السبب فذكر بقوله: (الولد دا عذبني وبقى حرامي). وتقول إنها لاحظت عدم وجود أسرة إذ لا يوجد بالمنزل سيدة وكل المتواجدين رجال.

وأوضحت بقولها: بعدها خرجت من منزل الطباخ وفي الشارع الثاني للمنزل قابلت الطفل (ي) فسألته لماذا غبت عن المدرسة فأجاب بقوله إن والده أوقفه من الدراسة ونزع منه الملابس وحاجيات الدراسة وتقول سألته أين تقيم الآن فأجابني بأنه يسكن في عربة مكسرة بإحدى أزقة الحي عقب طرده من ركشة كان يبيت فيها وأبانت بقولها طالبته بالحضور للمدرسة والعودة لمنزله وعدم البقاء في الشارع.

 

ضيف الواحدة صباحاً

ووفقا لشهادات معلمة الطفل الباحثة الاجتماعية (ر)، ذكرت أنه في ذات اليوم سمعت طرقا بباب منزلها عند الساعة الواحدة صباحا وكان وقتها الجو باردا.. وتقول عندما فتحت الباب وجدته الطفل (ي) والذي طلب مني أن أسمح له بالدخول لمنزلي لأنه (بردان) ويريد أن يبيت معنا فقالت وقتها فتحت الباب وأذنت له بالدخول وسمحت له بالبقاء في غرفة بالطابق العلوي للمنزل.

في الصباح

عندما استيقظ من النوم سألته لماذا لا تذهب لوالدك وتنام بالشارع فقالت أجابها بلهجة غاضبة: (دا ما أبوي وصاحب أبوي كلمني وقال لي دا ما ابوك والزول دا لقاك في كيس في الشارع). وتقول وقتها أحسست بخطورة بقاء الطفل معي وسيكون خطرا لجهة انه وفقا للأحداث أن ثمة غموض في علاقته بالطباخ.. وبدا أن وضعه غير قانوني وربما أدخلني في إشكالات، وقالت إنها عادت مرة أخرى للطباخ  لمعرفة الحقيقة؛ وتقول إنه ذكر لها أنه تحصل على الطفل من فاعل خير وأن والدة الطفل سافرت إلى أمريكا.

 

في نيابة الأسرة والطفل  

تواصل الباحثة الاجتماعية وتحكي معاناتها عقب اتخاذها قرارا بفتح بلاغ لمعرفة الحقيقة وإيداع الطفل لدى الرعاية الاجتماعية حتى يتم وضعه في الدور المخصصة للأطفال فاقدي السند. وتقول: ذهبت إلى النيابة وشرطة حماية الأسرة والطفل وأيضا قبلها لوحدة وإدارة الرعاية الاجتماعية بمحلية الخرطوم غرب بغرض دعوتهم لزيارتي للتعرف على الطفل وتقنين وضعه ولكن…!!!!

 

وقبل ذلك  

في المنطقة التي يسكنها الطباخ قامت “المواكب” بجمع معلومات من الجيران لمعرفة حقيقة (أبوة) الطباخ للطفل وأكد جميع الجيران أن الطفل يعاني من سلوك مضطرب وإجرامي بالإضافة لتعرضه للتعنيف والضرب المبرح من قبل الطباخ وكشفوا عن نشاط وحركة غريبة بمنزل الطباخ وعن ارتياد شخصيات كبيرة ونظامية (رتب) للمنزل وعن سماعهم لصراخ الطفل أثناء تعرضه للضرب وتقول إحدى الجارات إن الطباخ يقوم بضربه وعضه في عنقه، وضربه ضربا مبرحا بالإضافة إلى أن الطفل يغيب خارج المنزل لفترات تتراوح ما بين يومين لأسبوع ويحضر بعدها بوضع سئ ولونه شاحب وذكرت أنه يأتي بمبالغ مالية في جيوبه.. ولكن لا يتحدث عن المكان الذي كان فيه مهما سألناه.

وذكرت إحدى الجارات أنه في إحدى المرات سألت أحد المترددين على المنزل عن اسباب غياب الطفل وتقول: ذكرت له أن والده قام بفتح بلاغ ذكرت بقولها إن ردة فعل الصديق المقرب للطباخ كانت ضحكة ساخرة وردد: (صدقتي فتح بلاغ بلاغ شنو وهو بكون باعو). وذكر جار آخر أن هنالك سيدة ثرية تحضر بعربة فارهة وتجلس معه بالساعات ثم تخرج.

تقاعس الجهات المسؤولة    

وتقول الباحثة الاجتماعية إنها أصبحت أمام قضية انسانية تحتم عليها تقنين وضع الطفل لجهة ان وجوده في الشارع سيؤدي لانحرافه لجهة ان لديه سوابق وتم اتهامه بالسرقة أكثر من مرة الامر الذي يجعلها مسؤولة من منطلق تخصصها كباحثة اجتماعية وكمعلمة أبقت على الطفل معها بالمنزل مع عمل جلسات لتقويم سلوك الطفل وظلت تتردد على ادارة الرعاية الاجتماعية التي تم ابلاغها بالحالة واوضحت انها عقب سردها للوقائع كان من المفترض ان تقوم ادارة الرعاية الاجتماعية بزيارتها ولكنها ظلت تتصل على المسؤولة التي تقول إنها رفعت التقرير للجهات العليا للنظر في قضية الطفل وبعد إلحاح حضرت لزيارتها.

  

شرطة ونيابة حماية الطفل

وتقول ذهبت لنيابة الاسرة والطفل بالعمارات شارع (41) وشرعت في  فتح بلاغ وذكرت ان وكيل النيابة اعطاها عريضة و وتواصل قمت بالذهاب لوحدة حماية الاسرة والطفل وقالت انها سلمت العريضة وبعدها تم احضار الطباخ وهي بدورها اخذت الطفل وعندما رأى الطباخ بمباني الشرطة ظل يصرخ بأعلى صوته: (دا ما ابوي وما بمشي معاهو لو أرجع شماشي) وظل في حالة صراخ هستيري الامر الذي جعل الباحث الاجتماعي بالوحدة يقوم بوضع الطفل في أحد المكاتب وذكرت ان الطباخ حاول التحدث للطفل بقوله: (جبت ليك معاي هدوم جديدة من السوق). ورد عليه الطفل بقوله: (ما عايزها انت ما أبوي). وقالت: بعدها تم التحري مع الطفل الذي ذكر ان الطباخ كان يضربه ووجد الباحث بوحدة الحماية آثار تعذيب بالنار على بطن الطفل الذي ذكر ايضا ان الطباخ يقوم بحك رأسه بالبلاط وتقول عقب ذلك وعدت مسؤولة الادارة بحماية الاسرة والطفل بتسجيل زيارة لمنزل الطباخ.

عدم استجابة   

وتحكي المعلمة بقولها إنه وأثناء إقامة الطفل معها لفترة زمنية امتدت لشهرين ظلت تراقب سلوكه وتحاول التعرف عليه عن قرب حتى تفك طلاسم أصوله وعلاقته بالطباخ وذكرت انه لا يحب التحدث عن هذه التفاصيل واحيانا أحس بأنه خائف ولكن وعن طريق الصدفة تعرفت على جزء من تفاصيله وتقول في يوم الجمعة كنت اهم بالعمل على تقطيع اللحم لإعداد الطعام وتفاجأت بالطفل يطلب مني ان اسمح له بمساعدتي وتفاجأت بأنه يعرف تفاصيل ومسميات أجزاء اللحم وقالت طلب مني ان ادعه يقوم بتقطيع (الكتف) وتقول سألته كيف له ان يعرف مسميات أجزاء الخروف فقالت أجابني بعفوية (انا ما اشتغلت جزار) تقول سألته أين؟ فقالت أجابني بقوله ان الطباخ قام بإيداعه مع اهله بمنطقة سوبا وكان يخرج صباحا ويذهب للعمل بالسوق المركزي مع الجزارين ليذهب نهاية اليوم بالمال لوالد ووالدة الطباخ.

تعدد الروايات

وتقول المعلمة ان الطفل ذكر لها ان الطباخ ايضا اودعه مع اسرة من جنوب السودان تقيم بالمنطقة الصناعية وتتكون الاسرة من ام ومجموعة من الأطفال وكانت الام تعمل ببيع الطعام وعندما توفيت حضر والد الاطفال لاخذهم الى جنوب السودان وقام بإعادة الطفل للطباخ.

   

رواية أخرى

وايضا تقول إن الطفل اخبرها ان هنالك سيدة (سمينة) قامت بإحضاره للطباخ وتركته وذهبت وعندما ركض خلفها باكيا ركضت مسرعة وركبت عربة وغابت وأصبح مصيره البقاء مع الطباخ.. ويقول إن لديه ام تسمى ندى وعندما سألته عن انه في حال رأى السيدة التي احضرته هل يمكنه التعرف عليها اجابها بأنه سيتعرف عليها. وتقول الباحثة الاجتماعية إن تعدد الروايات جعل التعرف على هوية الطفل غاية في التعقيد وقالت إنها قامت بمواجهة الطباخ وسألته بقولها لماذا وضعت الطفل بالمنطقة الصناعية مع اسرة لا تعرفها؟ وتقول إنه اجابها بأن الطفل الذي وضع مع الاسرة بالمنطقة الصناعية طفل آخر بخلاف الطفل الذي معه وان لديه بنتا ايضا تقيم مع اسرته بمنطقة سوبا .

 

التعامل بعدم مسؤولية   

وتواصل (ر) بقولها إنها ظلت تتردد على وحدة حماية الاسرة والطفل لاستلام البلاغ وإتمام إجراءات التحري في قضية الطفل والعمل على معالجة وضعه بإيداعه في دور الحماية وذكرت ان مسؤولة الوحدة طلبت منها التواصل معها عبر الهاتف لمتابعة الإجراءات ولكنها اصبحت لا ترد على الهاتف وايضا الباحث الاجتماعي لا يرد على الهاتف الامر الذي جعلها تعود أدارجها الى وكيل النيابة حتى يحرر لها بلاغا رسميا ولكنها تقول إن وكيل النيابة تعامل بعدم مسؤولية وكان رده على طلبها: (ما أصلا الطباخين ديل حياتم شكلها كدا الموضوع عادي) وتقول وقتها علمت ان التقاعس مقصود من قبل ادارة شرطة حماية الاسرة والطفل والنيابة واصبح امر بقاء الطفل معي مسؤولية صعبة لجهة ان وضعه غير مقنن واصبحت في حيرة من امري ولكنني قررت العمل على ضغط النيابة لفتح البلاغ وقبلها ذكرت للطفل (ي) أنني سأعيده لوالده لانني ترددت لمدة شهرين على وحدة حماية الاسرة والطفل ولم اجد استجابة وتقول عقب ذلك قام الطفل بالصراخ والبكاء  وتغير شكله وظل يقول (ما أبوي ما برجع ليهو). وذكرت انه وعلى غير العادة في ذلك اليوم تبول على فراشه وذكرت أن ذلك دليل على خوفه من العودة للطباخ.

 

الجزء الثاني

في الجزء الثاني من القصة نحكي عن زيارة (المواكب) للطباخ في منزله وعن الحوار الذي تم بإدارة حماية الاسرة والطفل وعن السر الذي كشفه صديق الطباخ الذي فضح أمر الطفل في الحلقة القادمة بالاضافة لعلاقة مسؤول النيابة بالطباخ وتهديد الطباخ بأن هنالك عقيدا سيساعده في فتح بلاغ ضد صديقه الذي كشف أسراره وعن خوف الجيران من التعرض للطباخ بالرغم من علمهم بأنشطته المريبة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *