أعمدة صحفية

حلم على ورق

(خليك سوداني)

سلمي الحسن

 

 

مشهد أوّل :

 

فلانة التي ساعدتها الظروف وألقت بها الأقدار لبلاد العم سام، أمضت بعض السنوات هناك.. وعند عودتها للسودان كان أول ما استقبلت به صديقاتها وجاراتها هي بعض الكلمات الإنجليزية بلكنة متصنعة وادعاء (بارد) بأنها تشعر بالحر الشديد، وإنها ماعادت تحتمل السخانة ولا البعوض؛ وهي تردد بين كلمة وأخرى yeah وأحياناً whatever خاصة أمام جاراتها البسطاء!

 

مشهد تاني:

 

كان موظفاً بإحدى المؤسسات الحكومية يقضي يومه بين العمل والمنزل مع بعض الزيارات لبعض الأصدقاء؛ ومشاهدة التلفاز و(الكورة) مع بعض أقرانه، بعد مضي سنوات.. قرر الاغتراب، اشترى إقامة وذهب ليبحث عن عمل في المملكة العربية السعودية، أكمل العام الأول ثم عاد للسودان، احتفل به أصدقاؤه وفي أثناء حفل الشاي المقام بمنزل الصديق، وضع صاحبنا قدماً على قدم وهو يتكلم عن (السيارة) التي اشتراها في السعودية، وما لبث أن تابع الحديث وهو يسألهم عن (الخبز) وكيف أن الخبز في السعودية بـ (ريال) وكيف ولماذا هو منعدم ومرتفع السعر هكذا في السودان!

 

مشهد ثالث:

صديقة تعمل موظفة في إحدى الشركات في الإمارات العربية المتحدة (دبي)، تهاتف صديقتها في السودان وهي تسألها عن أسعار الاستقدام وأجور العاملات بالمنازل، وعندما تخبرها صديقتها بالأسعار تعلق هي بكل بساطة (بسيطة شديد.. يعني دي كذا درهم بس)!

 

عزيزي المغترب، نحن نعلم تماماً أنك ربما في حال اقتصادي (أفضل) من الحال الاقتصادي الذي كُنتَ عليه عندما كُنتَ بالسودان، نحن نتفهم ذلك ونعرفه جيداً فلا داعي أن (تُذكرنا) به بين كل حين وآخر، أنت لم تختر ما تكون، ونحن كذلك لم نختر ما نحن عليه، نحن لدينا مشاكل ربما مشاكل اقتصادية وأزمات مالية وبعوض وقطع كهرباء لكنك أيضاً لا تخلو من مشاكل على شاكلة كفيل وديون وضغوط كبيرة على رأسها؛إنك مهما حصل فأنت مواطن درجة ثانية! مهما كان المكان الذي تعيش به يتمتع بالقانون والمساواة إلا أنك ستظل تحمل ذلك الإحساس كلما جلست مع نفسك!

 

عزيزي السوداني في أي مكان في بقاع الأرض المختلفة، أنت (سوداني) مهما تعددت جنسياتك الأخرى، أنت (سوداني) مهما حاولت صبغ سحنتك وإجبار لسانك على لهجة أخرى! أنت لن (تلوي) عنق الحقيقة مهما حاولت (لوي) لسانك لتجبره على لكنة أجنبية.

 

نعم يجب أن تحترم البلاد التي تستضيفك، وتقدرها وتشكر لها أنها كانت مصدر خير بالنسبة لك سواء كان خيراً ماديًا أم خيراً علميًا أو غير ذلك من خبرات أو إضافة معرفية لك، ولكن هذا لا يعني أبداً أن تذوب في ثقافتها وتتلاشى بين ممراتها لتصبح بذلك (نكرة) فلا أنت تنتمي لتلك البلاد ولا أنت سوداني.أصيل..وبالطبع حديثي لا ينطبق على كافة شرائح المغتربين فمثل هذه الـ(نفخة) تشمل أيضاً الكثير حتى من السودانيين المقيمين بأرض الوطن أنفسهم. فيا عزيزي السوداني خليك (سوداني)!!

 

مشهد أخير:

أرض الخير (افريقيا) مكاني

زمن النور والعزة زماني

أرض جدودي جباههم عالية

مواكب ما بتتراجع تاني

اقيف قدامها واقول للدنيا

انا سوداني

 

أنا بلدي .. بلد الخير والطيبة

فيها خزاين .. فيها جناين

عيون ونجوم بالخير بتعاين

قمرها بيضوي

ما بغيب ابدا دايما باين

نورو بيسقي ليالي حبيبة

عليها بغني واقول للدنيا

أنا سوداني

 

شمسك طلعت وأشرق نورها

بقت شمسين

شمس العزة ونورها الأكبر

هلّت شامخة زي تاريخي

قوية وراسخة

ملت الدنيا وخيرنا بيكبر

شمس إيماني بأوطاني

ده الخلاني أقول للدنيا

أنا سوداني

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً على معاوية الطيب إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *