أعمدة صحفية

معادلات

علي يس

الرجل الذي خدع الشيطان !!

لن تتمالك نفسك و أنت تقرأ قصة إسلام الشيخ الحكيم ، القسيس الإنجليزي (Terry Sydney Casey) ، على يد الداعية الإسلامي  الشاب ، الراحل ، الدكتور عماد الدين محمد بابكر  لن تتمالك نفسك في وجه عاصفة من الانفعالات و أنت ترى كم هو رائع و قوي و حكيم هذا الدين الخاتم ، حين يتصدى للدعوة لهُ من تيسرت لهُ الأدوات ، و تيسر لهُ ، قبل ذلك ، العقل ..
و لعل الكثيرين لا يعرفون من هُو عماد الدين محمد بابكر ، كما لعل الكثيرين ممن يعرفونه لم يعرفوا عنه إلا كونه مؤلف كتاب (آذان الأنعام) بالاشتراك مع شقيقه المهندس علاء الدين محمد بابكر .. و القليلون بلا شك هم من اطلعوا على سيرته الاستثنائية ، خلال حياته القصيرة المباركة ، منذ هجرته بدينه إلى بريطانيا قبل اثنين و ثلاثين عاماً (أي منذ مجيء عصابة البشير) و حتى لقائه ربه قبل بضع سنين ..
بل ربما تجافى عنهُ الكثيرون ممن تواضع فقههم ، و هُم يطالعون أفكارهُ القويّة الجريئة ، في (آذان الأنعام) ، أو يطالعون كتابهُ الذي نشره على الملأ (أُمِّي كاملة عقل و دين).. غير أن ما وقر في نفسي و أنا أقرأ للرجل كتاباً بالإنجليزية (لم يترجم إلى العربيّة بعد ، حسب علمي)، عنوانُهُ (أميرة مصر و ذلك النبي الغامض)

(The princess of Egypt and that mysterious prophet) أحسبُه أخطر ما كُتب في مجالي “دراسة الأديان المقارنة” و “الدعوة” على الإطلاق ، حتى اليوم ، أو أقرأ عن المئات من النصارى الذين هداهم الله تعالى للإسلام على يده ، أو أقرأ قصة إسلام القسيس الإنجليزي تيري سيدني كيسي ، بكل ما تحملُهُ من معانٍ و رسائل و عِبَر ، ما وقر في نفسي و أنا أطالع هذه النتف القليلة من سيرة حياة عماد ، هو أن هذه البضع و الخمسون سنة التي عاشها عماد على هذه الأرض ، تساوي ألف عامٍ من حياة احدنا ..

قصة إسلام القسيس تيري ، التي حكاها الراحل عماد مجزأة في عدة رسائل في بعض مواقع التواصل الاجتماعي ، ثم تصدى لجمعها في كتيب ، شقيقه الدكتور عبدالرحيم محمد بابكر ، تفتح على الوعي توّاً ، حقيقة أن قول الله تعالى (.. و لتجدنَّ أقربهم للذين آمنوا الذين قالوا إنّا نصارى، ذلك بأنّ منهم قسيسين و رُهباناً و أنّهُم لا يستكبرون * و إذا سمِعُوا ما أُنزِلَ إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق …) حقيقة أن هذا القول الذي لا يأتيه الباطل ، باقٍ على الزمان ، لم ينتهِ و لن ينتهي حتى تقوم الساعة .. لقد سمع تيري هذه الآيات و هو على فراش الموت ، فهتف : الله يتحدث عني ..
كما تفتحُ هذه القصة على الوعي حقيقة أنَّ بين النصارى و بين غير النصارى ، خواصِّهم و عامّتهم ، الملايين من الباحثين عن الحق بتجرد ، الذين ينتظرون فقط رجلاً كعماد بابكر ، يجلو أمام أبصارهم و بصائرهم أن ما يبحثون عنهُ ، دون أن يدروا ، هو الإسلام ذاته ..
سترى في وجهك دموعاً كدموع أولئك القسيسين الذين ذكرهم الكتاب العزيز ، حين تطالع ما فعله القسيس تيري في آخر لحظات حياته .. كيف جعل الدقائق الأخيرة من حياته  تعادلُ سنين عدداً ، و هو يعدُّ في وصيته سيناريو وداعه و تشييعه ، بطريقةٍ مبهرة ، دعويّة رساليّة ، لا يتوفر على مثلها إلا الرسل و الصديقون ..
ربما تساءل القارئ عن عنوان هذه الكلمة (الرجل الذي خدع الشيطان) .. و لكن مساحة العمود لن تسمح بتفصيلها ، سيقف على معناها تماماً من يقرأ قصة إسلام تيري ، كما رواها عماد ، و كما جمعها في كتاب شقيقه د.عبدالرحيم ..
رحم الله أخانا عماد الدين بابكر ، الذي و أثناء عمله طبيباً في مستشفيات بريطانيا ، تصدى لدراسة جديدة (مقارنة الأديان) في مهجره ذاته ، بعد أن علم أنه لا مناص لأي داعية بصير من دراسة الكتب السابقة و التبحر فيها ، ببصيرة نافذة كبصيرته .. رحم الله عماداً و جمعهُ ، برفقة صديقه تيري الذي سبقه ببضع سنين ، بمحمدٍ صلوات الله و سلامه عليه.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *