أعمدة صحفية

معادلات

علي يس
يا إدارة المناهج .. أدركوا (الضببة)
· فوجئت بابنتي ذات العشر سنوات ، ذات نهار ، و هي تحمل عصا غليظة ، و تطارد ضبَّاً صغيراً (وزغاً) “في السودان نطلق اسم الضب على الوزغ ، أما الضبّ فنسميه الورل” فسألتها :
– ماذا تفعلين؟؟..
– أريد أن أقتل الضب..
– لماذا؟؟
– أستاذة الفقه قالت لنا أن الرسول (ص) أمر بقتل الضب حتى ننال الأجر من الله ..
– كيف تنالين أجراً بقتل حيوان ضعيف لا يؤذي أحداً ؟
– الأستاذة قالت لنا إن الضب (كافر) و كان ينفخ في النار التي أُلقي فيها سيدنا إبراهيم ، و هو الوحيد الذي كان يفعل ذلك ، يينما كانت جميع الحيوانات الأخرى تحاول إطفاءها ..
· في الحقيقة ، كنت أظن أن مقالة أستاذنا العلامة ، البروفسير محمد عبدالله الريّح ، قبل حوالي عشر سنوات، التي ردّ فيها على ذلك المتعالم الجاهل الذي شنّ عليه هجوماً و كفّرهُ حين دافع يوماً عن “الضببة” كحيوانات مسالمة ، و ذات فوائد بيئية عظيمة ، يعرفها هو كعالم حيوان ، و يعرف كفلاً منها عامة الناس ، كنت أظن أن تلك المقالة التي أثبت فيها بمنطق قوي و علمٍ غزير في تخصصه و في الفقه معاً ، أنّ الحديث المنسوب إلى الرسول صلوات الله عليه في شأن الوزغ (الضب) حديث مفترى ككثير من أحاديث الإسرائيليات التي تمّ دسُّها في كتب الحديث ، و أنه ، ذلك الحديث ، يناقض القرءان الكريم و يناقض الفطرة السليمة و يناقض العقل و المنطق.. كنت أظن أن تلك المقالة الضافية الصافية قد لقيت موقعاً لدى واضعي المناهج لمدارسنا ، لهذا فوجئت بحديث المدرسة ، التي ، بلا شك ، لم تأت بأمر تلميذاتها الصغيرات بقتل الضببة من عندها ، بل لابد أنه مضمن في منهج (الفقه) التعيس الذي وُضع لها ..
· حاولت أن أستعيد مقالة البروف تلك ، بالبحث في الشبكة العنكبوتية ، و لكن بدلاً عنها وجدتُ مئات المقالات و الفتاوى التي تنسج على منوال “مدرّسة الفقه” تلك ، و تُفتي بقتل الضب إذعاناً لحديث النبي ، الذي وجدتُ في كل رواياته أن الضب كان ينفخ النار التي أُلقي فيها سيدنا إبراهيم ، و تساءلت ، كما تساءل البروف ود الريح من قبل : كيف لحيوان ضعيف صغير ، ينزعج و يفرُّ إذا أوقدت بجانبه “عود ثقاب” ، كيف له أن يقترب من نارٍ عظيمة تمتد حرارتها لعشرات الأمتار ، أن يقف بجانبها ، و ينفخ !!؟.. و لنفترض أن الضب القديم كان فعلاً مدرّعاً و ضخماً بحيث يستطيع أن يفعل هذا الفعل الشنيع ، ما ذنب سلالته التي جاءت بعد آلاف السنين ، و الله تعالى يقول ، في شأن الإنسان ، المكلف و المسؤول عن فعله (لا تزر وازرة وزر أخرى)؟؟؟..
· و لكنني وجدت الجواب عند بعض من يسمونهم ، زوراً و بهتاناً (علماء) ، الذين قالوا إن “الوزغ” لم يكن وزغاً حينذاك ، بل كان (امرأة يهودية) ، و يؤكدون هذا الادعاء الغبي بعنعنة يوصلها بعضهم إلى النبي ذاته ، أي إن النبي صلوات الله عليه ، بزعمهم ، هو الذي قال إن الوزغ كان امرأة يهودية تنفخ في نار إبراهيم ، فمسخها الله وزغاً !!!!!..
· ألم يتساءل أي من هؤلاء “العلماء” الحمقى : هل كان هنالك “يهود” في زمن إبراهيم عليه السلام؟؟؟..
· جميع المراجع العلمية المتخصصة تفيد أن الوزغ (ما نسميه ضبّاً) حيوان مفيد للبيئة و حافظ للتوازن البيئي، ومسالم . والله تعالى يقول في كتابه (هو الذي خلق “لكم” ما في الأرض جميعاً) فالوزغ هو من ضمن ما خلقه الله لنا ، لنستفيد منه بيئياً و علمياً بالبحث فيه ، و لم يخلقه لنا لنقتله و نكسب بقتله أجراً “يوم القيامة” ..
لم يصح في الإسلام، و في كتابه الحكيم، (العدوان) على كائن من كان، بشراً أو حيواناً، إلا رداً لعدوان أو دفاعاً عن النفس، و لم يثبت عن النبي أنه أمر بقتل حيوان إلا أن يكون مصدر خطر على حياة الناس.
· يا إدارة المناهج .. يا (قراي).. يا أمة محمد ، نظفوا مناهجنا من هذا الجنون و الدجل و الافتراء على الله و رسوله.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *