أعمدة صحفية

قزاز ورذاذ محمد الطيب الأمين .. غدار دموعك ما بتفيد في زول (بينوم من المغرب)!!

 

* المُلفت في تجربة مصطفى سيد أحمد هو أن صوته يعتبر من (مشتقات) الكمنجة ..

* والكمنجة من (مشتقات) صوت أبو السيد ..

* ولذلك هو فنان يدخل على الناس بما تدخل به (الكمنجة) من حنين وأنين وروعة مذهلة ..

* ومصطفى غير أنه فنان صاحب (مبادئ ورسالة) فهو رجل (طيب القلب) و(ود بلد) و(حساس) و(مُحب)..

* والذي يهمني في مساحة اليوم هو (مصطفى المُحب والعاشق) ..

*  حال مصطفى هو مثل حال كل الشباب (حبّ بصدق) و(انجرح) وعانى من (سهر الريد) و(حمى الحب) ..

* وإخلاص مصطفى للريد يشبه إخلاصه لـ(ود سلفاب) تلك القرية التي أهدت السودان رجل بقامة (ابو السيد) ..

*  مصطفى كان (يداوي جروحه العاطفية) بالشعر ويوثق لآهاته بالقصائد ..

*  كتب مصطفى عشرات القصائد ولكن الحظ حالف (غدار دموعك) التي خرجت للناس وأصابت شهرة ونالت قبولا مذهلا ..

*  وثق مصطفى لجرح عاطفي عاشه بأعصابه في (أغنية غدار دموعك) ..

* نقف اليوم عند هذه الأغنية التى كتبها ولحنها وغناها ابو السيد ..

* اسم الأغنية الحقيقي (غزار دموعك) ولكن مصطفى فضل أن يطلق عليها (غدار دموعك) ..

* وغزار دموعك كُتبت في نفس (الفتاة) التى كتب فيها (المقبول سيد أحمد) أغنية (السمحة قالو مرحلا) ..

* في (الرمية) الخاصة بأغنية (غزار دموعك) أثبت مصطفى أنه (عاش بقلب نصف مشلول) كما يظهر الآن :

لا تنبش الماضي البعيد الم تكن

يومًا لقلبي واقعًا مجهـــولا

لا تنكأ الجرح القديم فإننى

و دعت ليلا مظلما و ثقيلا

وحملت روحي في فؤاد نازف

ما زال يحمل نصفه مشلولا

وخلعت أثواب الحداد أما كفى

إذ صار قلبك فى الهوى ضليلا

* لا (تنبش) من المفردات غير المتداولة في الغناء السوداني ولكن مصطفى طوعها بشكل مقبول واستفاد منها في النص فمنحته قوة ..

* قوله : (لا تنبش الماضي البعيد) يؤكد أن هذه الفتاة ظهرت في حياة مصطفى مرتين ..

* كانت (حبيبتو) ثم أصبحت من (الماضي) ثم عادت مرة أخرى ، شبه مصطفى العلاقة الأولى بـ(الجرح القديم) وتظاهر في النص أنه قد (نسى) هذا الحب ..

* قوله : (وخلعت أثواب الحداد) يفيد بأن مصطفى (تعذب جدا) بعد فشل القصة لدرجة أن (حزنًا كبيرًا) أصابه فلبس له (الحداد) ..

* مصطفى اعترف بمعاناته وهذا يثبته قوله : (حملت روحى في فؤاد ما زال يحمل نصفه مشلول).

* يتظاهر مصطفى بأنه (خلع أثواب الحداد) و(ودع ليل مظلم) وتماثل للشفاء من نكسة الحب ثم يعود ويقول في تلقائية (مازال يحمل نصفه مشلولا) وهذا تأكيد على أن الجرح لم يطب ولو تظاهر هو بعكس ذلك ..

* ولعل (شلل القلب) هو من ذكاء الوصف عند مصطفى ..

* ويقول :

غدار دموعك ما بتفيد

فى زول حواسو اتحجرت

جرب معاك كل السبل

وايديهو ليك ما قصرت

حطمت في قلبو الأمل

كل الأمانى الخدرت

كلماتو ليك ضاعت عبث

لا قدمت .. لا أخرت

* في هذا الكوبليه وضح أن (الفتاة) بحثت عن العودة الى قلب مصطفى ..

* وقد استغلت الفتاة (الدموع) حتى تعود إلى قلبه ..

* في الأصل هى : (غزار) دموعك ما بتفيد ، يعني دموعك الكتيرة ما بتفيد في زول حواسو اتحجرت ..

* زول تجرب معاهو كل الطرق وما تقصر وبعد ده يحطم قلبك ويقضي على (الأماني الخضراء).

* أنا أرى أن العذاب الذى خلفته هذه القصة في قلب ابو السيد كان سببا مباشرا في قوة اللحن؛ وسببا في وشاح الحزن الذى تلفحته الكلمات وهى تخرج (مجبورة) من حنجرة مصطفى ..

* ويواصل :

ما كنا وكت الليل يضيع

تشرق نجومو وتنكتم

ويطل شعاع يكشف قناع

والظلمة ترحل تنهزم

وجفونا من طول السهر

تلبس وشاح فرقة والم

نستبشر اليوم الجديد

ونقول تعود انت العشم

* (كنا) تفيد (الماضي) ، ونستبشر تخدم (المستقبل) ، ومصطفى ما بين (عنف الجرح) و(كبرياء الروح) تجاذب؛ ولكنه تمسك في نهاية الأمر بعدم العودة لهذه الفتاة ..

* قال : (جفونا من طول السهر تلبس وشاح فرقه وألم) وهذا تشبيه يشبه تفاصيل مصطفى وصدقه ..

* ويأتي ويقول :

كيف العشم وكتين يموت

والغصة تطعن فى الحلق

كيف الحنين وكتين يهز

لى زول بعيد ما بتلحق

كيف الرجوع لي زول قنع

شايل رماد(رفاة) قلبـو الحرق

سيب الندم وانسى الدموع

ما فات زمان ما بتلحق

*  رغم المعاناة التي عاشها أبو السيد إلا أنك تحس إنو (حنين) حتى في لحظات الفراق ..

* ولكن الجديد الذى أثبته أبو السيد أن الريد بيعمل (شلل قلب) و(غصة في الحلق)..

* ومربط الفرس في الأغنية هو : (كيف الرجوع لزول قنع).

* الزول لما (يقنع من الحاجة) معناها الموضوع انتهى ، ومصطفى قنع ..

* لم يجد مصطفى كلمة أقوى من (أنا قنعت) حتى تتركه هذه الفتاة التى جرحته في الماضى ..

* و(أنا قنعت من خيرًا فيك) تبدو هي كلمة قاسية جدا، ولكنها أرحم من (شلل القلب) الذى أصابت به هذه الفتاة مصطفى ..

* مصطفى يؤكد للمرة الثانية في هذا النص (حريق قلبه) فيقول : (شايل رفاة قلبو الحرق) ..

* رفاة أو رماد هو قصد أن يثبت (موت قلبه) ..

* ويعود ويختم :

غدار دموعك ما بتفيد

فى ظلمة ما بتعرف شعاع

أشباحا زي موج العدم

كسر المقاديف والشراع

ونزلنا فى طوف الفشل

وأبحرنا فى بحر الضياع

ونسينا ذكراك الزمان

عشناها فى زيف القناع

* لخص مصطفى (النص) بثلاث كلمات في هذا الكوبليه ..

* الكلمة الأولى (دموعك ما بتفيد) والتانية (زيف العلاقة) والثالثة (نسينا ذكراك الزمان) ..

* لو لم يمت مصطفى بـ(الكُلى) لقلنا إن (قلبه) هو سبب وفاته ..

* هذا نص حزين جدا وصادق وثق فيه مصطفى لحب مات بفعل فاعل، وأثبت من خلاله شاعريته العالية ..

* حاولنا ان نقرأ النص من زاوية مختلفة وباختصار شديد ..

* نسال الله الرحمة والمغفرة للفنان الإنسان مصطفى سيد احمد والتحية لأسرته الكبيرة والصغيرة ..

* و..و..

* وغدار دموعك ما بتفيد في زول …(بينوم من المغرب) ..

//////////////

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *