حوارات

المواكب تكشف عن تعديات في  مناطق اثرية

الهيئة القومية للاثار : نبش أكثر من 30 مقبرة في صاي بالولاية الشمالية

 

إنهيار اثار  مملكة علوة بواسطة مستثمر

الحلقة (1)

 

كثرت في الآونة الأخيرة التعديات على المواقع الأثرية، حيث أصبح يكاد لا يمر يوم حتى نسمع عن تدمير موقع أثري جديد على يد معدنين يبحثون عن الذهب، كما أنه لم تتم محاكمة الجناة وتوقع عليهم عقوبات بحجم الجريمة التي تطمس وتنتهك آثارا ظلت منذ اكتشاف الآثار 1905عام، وصلت هذه التعديات إلى تدمير موقع مملكة علوة بسوبا شرق بواسطة مستثمر.

وبحثا عن تفاصيل عدة تختص بملف الاعتداءات على مواقع الآثار نقبت (المواكب) حول الملف من خلال التقصي والبحث مع الهيئة القومية للآثار لتخرج بهذا التحقيق.

.

تحقيق:رباب الأمين

 

فريق (المواكب) والمقبرة:

ذهبت (المواكب) إلى الولاية الشمالية لتغطية بعض الأحداث بمنطقة شبتوت محلية القولد لتكتشف وجود مقبرة أثرية، تتخذ شكل غرفة بيضاوية حفرت في أعلى جبل يتوسط القرية، وبنيت من الداخل بالطين (الطوب)، وبحسب الأهالي فإن المقبرة موجودة منذ تأسيس القرية قبل أكثر من مائة عام دون معرفة هوية رفاة من بداخلها،  حيث قال المواطن خالد عبد الله محمد إن الأهالي كانوا يتخذون من المقبرة مزاراً باعتقادهم بأنها ضريح لشيخ يدعى (سعد) لكن حينما بدأ أبناء المنطقة في التنقيب عن الذهب بإحضار جهاز اتضح لهم من خلال التنقيب أن تحت المقبرة كهف ضخم، وأشار إلى أنها تحتوي فقط على شبابيك لكن عندما تمت توسعتها عثروا بداخلها على عظام بشرية لعدد كبير من الجثث، فضلاً عن أن تشييد المقبرة تم بطريقة هندسية تشبه الدفن الفرعوني.

ورحج الدكتور عبد الله الأمين حامد ـ أحد أعيان المنطقة أن المقبرة ربما تضم جثماين تعود لشخصيات تاريخية مهمة أو أنها تضم رفات أشخاص قضوا بسبب وباء أو معركة، مشيراً إلى أن من اقاموا المقبرة قصدوا أن يحافظوا عليها لوقت أطول، حيث تمت إقامتها في أعلى المنطقة وهو جبل عالٍ، بجانب حفرها في عمق أكثر من أربعة امتار وعرضها حوالي ما بين ثلاث وأربعة أمتار.

 

تدمير مراغة:

قبل أشهر تم الاعتداء على أكثر المواقع الأثرية تاريخا في السودان ، جبل مراغة الذي يبعد حوالي 270 كلم شمال  الخرطوم  وحفر المعدنون خندقا واسعا بداخله، يبلغ طوله 20 مترا وعمقه حوالي 17 مترا، وحسب معلومات المفتشين يعود تاريخ المعبد للعصر المروي، أي الفترة من 340 ق.م إلى 550 ميلادي، وترجع أهميته إلى أنه لم يكن معروفاً للآثاريين، حيث ظل مجهولاً تقريباً حتى العام 1996م، حيث تم اكتشافه عن طريق الصدفة بواسطة بعثة سودانية – أمريكية مشتركة في الطريق إلى شمال السودان، على بعد 18 كلم شرقاً من النقطة التي تسمى قهوة أم الحسن، وتم التنقيب في الموقع عامي 1999م – 2000م.

ويرجح أنه الموقع الأثري المسمى جبل المراغة، والذي يعود تاريخه إلى الحقبة المروية بين عامي 350 قبل الميلاد و 350 بعد الميلاد.

وقالت الهيئة القومية للآثار إن الجبل ليست به حراسة مشددة من قبل شرطة الآثار وإن المعدنين انتهزوا الفرصة بحثا عن الذهب، الأمر الذي تعرض معه هذا الموقع الأثري لتخريب، فتحت على إثره بلاغات ضد مجهولين..

جزيرة تمبس:

لايزال بعض منسوبي الديكتاتورية التي تنتمي للنظام السابق تسيطر على قرية تمبس وتنهب الآثار ليلا حيث شكا مواطنون في تصريحات سابقة، عن وجود حفريات تتم ليلا بمزارع تمبس وتهرب الآثار، وتم تدوين عدة بلاغات بشرطة البرقيق ولكن (لم يستجب لهم أحد) رغم أن البلاغات دارت حول 5 شخصيات من القرية وعندما صعد أهالي القرية بلاغات السرقة وارتفعت نداءاتهم تمكنوا من الوصول إليهم هاتفيا وحينما تحركت (المواكب) إلى محلية البرقيق ومن ثم شد الرحال إلى تمبس، تلقت اتصالا يفيد بأن أصحاب بعض المزارع تعرضوا إلى التهديد حيال التصريح لـ(المواكب) أو أي من الوسائل الإعلامية الأخرى، وقال المواطن (هـ) إن سرقة الآثار مستمرة من قبل شخصيات معروفة بالقرية وتتجاهل هيئة الآثار أمر الجزيرة وعندما تزور المنطقة لا أحد يكشف لها خبايا الحفريات، وأوضح تعرض أسرة إلى الاعتداء المعنوي من قبل أهالي تمبس ومسؤولها حينما صرحت بسرقة الآثار في المزارع بالإضافة إلى حرق مزرعتها وسرقة الآليات.

انهيار مملكة علوة:

كشفت الهيئة العامة للآثار والمتاحف في السودان، عن تعرض موقع سوبا شرق الذي يمثل الآثر الوحيد المتبقي لدولة علوة المسيحية بالسودان للدمار بسبب التعديات والتمدد العمراني في وقت تواجه آثار أخرى نفس المخاطر لذات الأسباب.

وقال مسؤول الإعلام بالهيئة العامة للآثار والمتاحف، طه بشيرلـ(المواكب)  إن الموقع تتمثل أهميته في أنه  يعد الموقع الوحيد المتبقي من مملكة علوة  التي امتد حكمها إلى العام 1504م وانتهى بقيام السلطنة الزرقاء (تحالف الفونج والعبدلاب) وموجود في أحد عواصَمها(سوبا شرق وقرّي).

وأكد طه، أن الموقع عبارة عن بقايا  كتدرائية ودير رهبان، وقال لـ(المواكب) إن الموقع المذكور يقع في أراضي تغول عليها مواطنون عن طريق الحيازة، مما جعل الهيئة توقف العديد من التعديات.

وأضاف: خطر الفقدان والتدمير الذي تواجهه الآثار بالبلاد يتمثل في التمدد العمراني ومشاريع البنى التحتية والاستثمار الزراعي والتعدين الأهلي.”

وأشار طه، إلى أن الهيئة تواجه كل هذه التعديات في ظل إمكانيات محدودة تتطلب من جهات الاختصاص والمسؤولين الاهتمام بهذا الجانب ودعم الهيئة للاضطلاع بدورها كاملا  في الحفاظ على الآثار وذلك بتوفير وسائل النقل والحركة بجانب وظائف تأمين للآثار بالمواقع المختلفة بالبلاد.

نبذة تاريخية:

مملكة علوة كانت مملكة نوبية قامت في العصور الوسطى ضمن الممالك النوبية الثلاث التي قامت بعد سقوط مروي عاصمة مملكة كوش النوبية وعاصمتها سوبا، وتقع بالقرب من مكان التقاء النيل الأبيض بالنيل الأزرق..

وقد سقطت هذه المملكة على يد تحالف الفونج والعرب، وتم إعلان قيام سلطنة سنار الإسلامية وجاء ذكر لعلوة  أول مرة كما ذكر ماكمايكل على مسلسة الملك الكوشي نستاسن الذي أرخ له رايزنر (298 – 278 ق م) حيث تلقب بلقب ملك علوة.

إلى جانب المناطق الأخرى من مملكته وقد شيد الملك ناستاسن معبداً في علوة مما يؤكد أهميتها كأحد أقاليم أو مدن مملكته كما ورد ذكر علوة أيضاً في نقش عيزانا في القرن الرابع الميلادي أنه أخذ “أسرى عند إلتقاء نهري تكازى وسيدا، وفي اليوم التالي أرسلت الجيش للإغارة على القطر والمدن المشيدة بالطوب والقصب، المدن المشيدة بالطوب هي مدن علوة ويشار ان دولة علوة امتدت شمالا على إمتداد نهر النيل (منطقة البجراوية) وعلى النيل الأزرق منطقة جبل موية وعلى النيل الأبيض حتى الكوك.

التقاطعات الولائية والأتحادية:

شكا موظفون من ادارة التفتيش عن تقاطعات مستمرة بين ادارة الاثار في الولايات والهيئة القومية للاثار بولاية الخرطوم ، مما أتاحة للمعدنين الفرصة في التعدي على القوانين هيئة الاثار سنشير لها لاحقا في الحلقة الثانية من هذا التحقيق.

وذكر مدير ادارة الكشف الاثري بالهيئة القومية ” عبدالحي” في حديثه لـ(المواكب) بأن أكثر المواقع التي تم الاعتداء عليها في الولاية الشمالية نتيجة التعدين العشوائي للذهب ، مواقع منطقة صاي حيث تم الاعتداء عليها بصورة متكررة وأشد إصرار المعدنين بان المنطقة تحتوي على كنوز من الذهب.

بالأضافة إلى التعدي في (جبانة المروية) من خلالها تم تدمير ونبش 30مقبرة ، ووجدوا حفائر داخل كنيسة ترجع للاصل المسيحي عمقها حوالي 4 متر محفورة في التربة الطينية وليس بها إى من الدلائل أو مؤشر ذهب.

واضاف : تصدقت الولاية الشمالية لمعدنين بالعمل في منطقة اثار وتم تدمير جبل نوري باليات ثقيلة في منطقة (نوري المحس) الشلال الثالث.

أواضح هنالك قصور في تأهيل المناخ الملائم لشرطة الاثار بالمواقع الاثرية وتفتقر للخدمات الأساسية فالهيئة تعاني من عدم وجود ميزانيات ،  حسب أمكانياتها ترسل حملات تفتيش للمواقع التي تم تدميرها.

في ذات السياق قال عبدالحي لـ(المواكب) دخل الولاية الشمالية من الأثار لا يضخ في خزينة المالية ويجب أن يذهب جزء من الدخل في ترميم وحماية وتنمية الموقع الأثري والمساهمة في اعاشة وتنقل افراد الشرطة ، بالأضافة إلى تسوير المواقع الاثرية وتنميتها.

سعت الهيئة القومية للاثار في فتح بلاغ مجهول ضد المعدنيين وتسعي لمعالجة المشاكل مع الجهات المسؤولة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *