أعمدة صحفية

ثُعبان سَام..!

اقرأ في هذا المقال
  • سيد نفسه من لا سيد له
  • نحن أحرار بمقدار ما يكون غيرنا أحرارا
  • ليس من المنطق أن تتباهى بالحرية و أنت مكبل بقيود المنطق
  • حيث تكون الحرية يكون الوطن
  • ليس من المنطق أن تتباهى بالحرية و أنت مكبل بقيود المنطق
  • إذا تكلمت بالكلمة ملكتك وإذا لم تتكلم بها ملكتها

خط الاستواء

غالبية العاملين في (السودان الحديث) كانوا (أولاد علي عثمان) فأين أولاد الترابي؟ شكوت هذا لعبد المنعم شتلي – أشهر ناس قرّبت في ذلك الوقت –  شكوتُ وفضحتُ له رعبي من معاينة الكوز للكوز، وأنا بينهم رهين.. ردَّ علي شتلي بكلام (لا في الحِرا ولا في الطِرا)…!!

ذات يوم وبينما كنت أتابع فعالية للدفاع الشعبي على الشاشة، رصدتُ الإمام مالِك، يقف في المنصّة مُلاصِقاً لعمر البشير – يا لله من هذا الصحابي–  الإمام مالك شخصياً، يظهره البث المباشر، بشحمه ولحمه، وهو الذي يجلس بالساعات الطوال في الجريدة، (يكبِّس) في الورق، يكتب ما لا يُنشر، وكذا من عوايده، أنه يكف البنطلون بإصرار عنيد لإمامة بني قريظة – هؤلاء – في صلاة العصر!

رئيسي في القِسم صحابي دَهوش، تبدى لي هنا، إذ لم أره مطلقاً في صحف الديمقراطية الثالثة، لكنه في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ الإسلام بالسودان، يتقلد مسؤوليتي كصحفي متعاون، يأمره الشرع بطاعة ولي الأمر.. بوحيٍ من سمائهم كنت أنا من يلتقط له الأخبار ويصوغ عناوينها، ويدبج بين يوم وآخر تقارير منتقاة لأحداث ترضي أذواق أهل المِلّة، ثم إني بعدَ ذلك، لا أسمع من هذا الصحابي غير جملة عبوس لا يكف عن تكرارها: مسألة عجيبة جداً جداً!

رئيسي ثعبان سام.. موترجي مطبوع.. لا يكشف رتبته، لكنه يأتي الدار بعد أن ينجز مخدومية ما، في ركن مهم من أركان دولة الإنقاذ.. الجريدة (شُغل إضافي) بالنسبة له ولغالبية أعضاء الكتيبة، الذين يعملون كمرافقين لقادة كبار..

هذا قدري الأزلي في دستور الكيزان.. أنه يأتيك صحابياً من حجر الطير، أو حجر العسل، أو جحر النمل، يأمرك فتطيع، حتى لا تضيع..

في مكتب بالركن الجنوبي الشرقي للدار القابعة في شارع علي عبد اللطيف.. من درابزين نافذة خشبية كنت أشايع مظاهرات خجولة تكاد تخرج من جامعة القاهرة فرع الخرطوم، وبين حين وآخر أستعيد حسراتي أمام السفارة التي حرمني قنصلها من تأشيرة أمريكا.

لي بين يدي رئيسي منضدة من الأبلكاش الرخيص، أطل منها على قدر رحيم يسوق لي بعضاً مما اشتهى.. لي قلمي ولفائف ورق من بقايا الميكنة، وراديو فائِق الجودة لالتقاط أخبار الوكالات، سأحكي لكم نهايته المأساوية بعدَ قليل…

إنهم يرقبونني – أعلمُ ذلك – لكنني(حاقِص ليهم) أرصد من يدخل ومن يخرج عبر الفناء، لا يفوتني شيء من كواريك النقيب ميرغني يونس، فهو يتشاجر مع كل شيء، آملاً في تطبيق الشريعة..

رئيسي – الصحابي الجليل –  يؤمن بجدوى التفجيرات التي تضطلع بها كتائب عز الدين القسام في فلسطين.. وما فيش حد أحسن من حدْ.. أغرتني بوستراته الدامية على الجدران، فقلتُ أُقلِّده… حملت مِزعةً من أشعار (بوشكين)  للتشكيلي لقمان عبد الله مصمم الجريدة، فذيّل اسمي تحت هذه الأبيات:

شيئان يستحقان المنازعات الكبرى،

وطن حنون وامرأة تحبك،

وما تبقى فهو صراع دَيَكة!

بعد إقصائي من هناك، صادفني عبد المنعم شتلي في الشارع المؤدي إلى فندق الواحة، الذي كان حينها مبنى فخيماً يضج بالحياة.. قالَ لي دونَ أن يسلم علي: كبّوك؟

قلت: أيوا رفدوني… قال شتلي وهو ينفث برنجياته في وجهي: وكنت راجي منهم شنو، وإنت كاتب ليهم برنامجك الانتخابي ومعلِّقو ليهم في الحيطة؟!

نواصل..

عبد الله الشيخ

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *